الانتخابات العراقية... جدل حول ضغوط على عناصر الحشد الشعبي لتوجيه أصواتهم
مع اقتراب أسبوع واحد فقط من الاستحقاق الانتخابي السادس في العراق لاختيار البرلمان الجديد، تتصاعد المخاوف بشأن تأثير القوى المسلحة على حرية التصويت وشفافية الانتخابات.
وفي هذا السياق، تتبادل القوى السياسية العراقية اتهامات متبادلة حول إجبار عناصر "الحشد الشعبي" الذي يضم نحو 70 فصيلاً مسلحاً على التصويت لجهات ومرشحين محدّدين، لا سيما بعد إدراج "الحشد" ضمن قوائم التصويت المبكر إلى جانب الجيش والشرطة ونزلاء السجون والمستشفيات.
وبحسب تقرير حديث لموقع العربي الجديد وتابعته "المطلع"، فإنه:"يبلغ عدد أعضاء "الحشد الشعبي" نحو 200 ألف عنصر، وقد انخرطت العديد من الفصائل المنضوية ضمنه في الانتخابات من خلال تأسيس أجنحة مسلّحة لها، ما جعلها جزءاً من التراشق السياسي بين القوى، خصوصاً الشيعية. ويشكل العدد الكبير لأعضاء الحشد معادلة أساسية داخل البرلمان المرتقب، إذ يمكن هذه القوى من تعزيز كفة قوائم معينة، خاصة في حال لم ترتفع نسبة المشاركة العامة".
وفي الأيام الأخيرة، تحدث سياسيون ومرشحون وزعماء أحزاب وعشائر بحسب ماجاء في التقرير، عن وجود عمليات "توجيه قسري للأصوات داخل معسكرات ومقرات الحشد الشعبي"، وسط مخاوف من أن يتحول نفوذ بعض الفصائل إلى أداة لتوجيه نتائج الانتخابات وتقويض حرية الناخب وشفافية العملية الديمقراطية".
ومن جانبهم، تؤكد الأطراف المقربة من الحشد أن هذه الاتهامات تأتي في إطار الصراعات السياسية ومحاولات التشويه والاستهداف.
ويرى مراقبون بحسب العربي الجديد، أن:"الحديث المتكرر عن تصويت موجه وفرض إرادة محددة على أفراد مرتبطين بمؤسسات أمنية مسلحة يشكل تهديداً مباشراً لمبدأ التداول السلمي للسلطة ويمس جوهر الديمقراطية في العراق".
ويبرز هذا الجدل، الذي لم تُصدر بشأنه أي تحقيقات رسمية بعد، المخاوف من أن تتحول المؤسسة الأمنية إلى أداة ضغط سياسي، وتُستغل أصوات منسوبيها لتقوية كفة طرف على حساب آخر.
ومن أبرز الذين ناقشوا هذه القضية وعبّروا عن قلقهم مرشحو القوى المدنية، إلى جانب رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، والمرشح نوزاد صادق، والناشط السياسي أحمد الوشاح، والزعيم القبلي عبد الله الياور.
وحذر ضياء بطرس، العضو عن الكتلة المسيحية في نينوى، في حديث لـ"العربي الجديد"، من:"وجود ممارسات ضاغطة تستهدف حرية الناخبين، من خلال إجبار عناصر الحشد الشعبي على التصويت لجهات وشخصيات محددة تحت التهديد والضغط".
وأكد أن:"المناطق ذات الغالبية المسيحية في نينوى "تتعرض لمحاولة علنية للسيطرة على الأصوات المسيحية، عبر إلزام عناصر الحشد بإحضار ما بين 10 و25 بطاقة انتخابية لكل عنصر لاستخدامها في انتخاب مرشحين محدّدين، وإلا فإن التبعات تشمل التهديد الأمني أو الفصل من الوظيفية".
وأضاف بطرس أن، الانتخابات في سهل نينوى قد تشهد إعادة إنتاج نفس سيناريو السيطرة على الممثلين المسيحيين بدلاً من تمثيلهم الحقيقي، مطالباً:"الحكومة ومفوضية الانتخابات بفتح تحقيق مستقل وضمان آليات واضحة لحماية حرية التصويت ومحاسبة أي جهة تستغل النفوذ ضد الناخبين".
وبدوره، قال الناشط السياسي طلال الجبوري لـ"العربي الجديد" إن:"إجبار بعض الفصائل وقادة الحشد الشعبي عناصرهم على التصويت لصالح قوائم محددة يمثل انتهاكاً صارخاً لمبادئ الديمقراطية وحرية الإرادة، ويهدد مصداقية العملية الانتخابية، ويزرع الانقسام والتوتر داخل المجتمع والحشد نفسه".
وأضاف أن:"هذا الإكراه لا يقتصر على مخالفة القانون، بل يحمل مخاطر أمنية وسياسية قد تؤدي إلى تصاعد الاحتقان الشعبي وتعميق الفجوات بين الفصائل المختلفة".
وشدد الجبوري على أن، الحشد الشعبي يجب أن يبقى قوة وطنية مستقلة تحمي البلاد والشعب، وليس أداة ضغط سياسي، وعلى الجهات الرقابية والقانونية اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان حماية حرية الناخبين ومنع أي محاولة للتأثير على خياراتهم بالقوة.
وأوضح أن:"التاريخ أثبت أن الانتخابات التي تُجرى تحت الإكراه أو الضغوط لا يمكن أن تكون شرعية، وأن الشعب العراقي صاحب الحق الأصيل في اختيار ممثليه دون تدخل أي طرف مسلح أو سياسي، وحماية العملية الديمقراطية مسؤولية الجميع، وأي تجاوز في هذا السياق سيترك آثاراً طويلة الأمد".
وأشار الباحث في الشأن السياسي والأمني، محمد علي الحكيم، إلى أن:"محاولات بعض الفصائل وقادتها لإجبار عناصر الحشد على التصويت لصالح قوائم محددة انتهاك خطير وغير مسبوق لكل معايير الديمقراطية وحرية المواطن، وما يحصل الآن محاولة مباشرة لتحويل الحشد إلى أداة سياسية، وهو أمر مرفوض تماماً ويهدّد النسيج الوطني والاستقرار الأمني في العراق".
وأضاف للعربي الجديد، أن إجبار الأفراد على التصويت تحت الترهيب ليس مجرد خرق للقانون، بل اعتداء على إرادة الشعب، وكل فصيل يشارك في هذا العبث يتحمل المسؤولية عن أي تداعيات سياسية أو أمنية لاحقة، فهذا السلوك يمس مصداقية الانتخابات.
وحذر الحكيم من أن:"استمرار هذه الممارسات سيخلق أزمة سياسية حقيقية ويزيد الاحتقان الشعبي، وربما يؤدي إلى مواجهات داخلية بين الفصائل، فالحشد الشعبي ليس ملكاً لأحد، وأي محاولة لتحويله إلى أداة ضغط سياسي مسألة خطيرة للغاية"، مشدداً على أن:"السلطات المختصة، وخصوصاً القضائية والأمنية، مطالبة بالتحرك الفوري لوضع حد لهذه التجاوزات، وإلا فإن العراق سيواجه أزمة انتخابية وأمنية غير مسبوقة ستترك آثارها على كل مؤسسات الدولة".
وفي المقابل، أكد عدي الخدران، عضو تحالف "الفتح"، الجناح السياسي لعدد من فصائل الحشد الشعبي، في حديث للعربي الجديد أيضا، أن:"العناصر العاملة ضمن الحشد يتمتعون بحرية كاملة في اتخاذ قرارهم بشأن المشاركة في الانتخابات، ولا توجد أي توجيهات أو ضغوط لانتخاب شخصيات محددة، وكل عنصر يملك حرية الاختيار سواء بالمشاركة أو المقاطعة".
وأضاف أن، الفصائل تحرص على احترام قرار أعضائها الشخصي، وتؤكد ضرورة أن تكون المشاركة عملية اختيارية خالية من أي ضغوط، لتعكس نضج العملية السياسية ورغبة الفصائل في دعم الديمقراطية والمشاركة المجتمعية دون تدخل في إرادة الأفراد
وفي ظل هذه الاتهامات والمخاوف المتزايدة، يبقى ضمان نزاهة الانتخابات وحماية حرية الناخبين مسؤولية الجميع، من الحكومة والمفوضية والسلطات القضائية، لضمان ألا تتحول قوة السلاح أو النفوذ السياسي إلى أداة للضغط.
إن حماية إرادة الشعب العراقي تمثل حجر الزاوية لاستمرار العملية الديمقراطية وتعزيز استقرار الدولة، وضمان أن تكون صناديق الاقتراع مرآة حقيقية لإرادة المواطنين.
كلمات مفتاحية
- الانتخابات العراقية المقبلة
- الحشد الشعبي
- تقارير عربية ودولية
- الشارع العراقي
- بغداد
- انتخابات العراق 2025
